Ads 468x60px

من فعالية الاحتفاء بصدور (كأن نبياً خلف الباب)

صحيفة الثورة

الخميس, 19-يوليو-2012
-
نظم اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين، فرع صنعاء، يوم أمس في بيت الثقافة بصنعاء احتفائية خاصة بصدور الديوان الشعري الجديد «كأنّ نبياً خلف الباب» للشاعرالمبدع أحمد الطرس العرامي بحضور نخبة من الأدباء والكتاب والنقاد والمثقفين والمهتمين.
وفي الندوة التي اداراها الشاعر و الناقد علوان الجيلاني ,تحدث الجيلاني عن أهمية هذه الفعالية وأهمية العمل الشعري المحتفى به و مايمثله شاعره العرامي من ابداع متميز وتجربة رائعة لها خصوصياتها في المشهد الشعري اليمني الجديد .
وقدمت خلال ندوة وحفل الاحتفاء بالديون الشعري الجديد للشاعر احمد العرامي مجموعة من الدراسات والمداخلات الأدبية والنقدية من قبل مجموعة من الأدباء والنقاد , منهم :محمد الكميم وعبدالسلام الربيدي وجميل مفرح .
والتي تناولت العمل الشعري الجديد للعرامي وماتضمنه ديوانه من ملامح فنية وإبداعية متميزة , ابرزت مايمتلكه الشاعر المبدع احمد العرامي من موهبة وتجربة شعرية لها خصائصها وفرداتها وعوالمها المتفردة .
كماتناولت المداخلات النقدية الاضافات النوعية التي حملها الديوان والتي تعكس الرؤية الجديدة للقصيدة في تعاطيها وتعاملها مع واقعها المحتشد بالمتغيرات المتسارعة التي يشهدها عالم اليوم .
وقد قام الشاعر المبدع احمد الطرس العرامي بقراءة نصوص مختارة من ديوانه الجديد نالت اعجاب واستحسان الحضور .

الرمز المركزي‮: ‬رمزية اللِزَاب
صورة اللِزَاب تتواتر في‮ ‬الديوان بوضوح،‮ ‬ولظهورها أثر على المتلقي‮ ‬لا‮ ‬يقف عند ارتسام صورة هذه النبتة العطرية في‮ ‬الذهن بل‮ ‬يتعدى ذلك إلى إثارة ذاكرة الرائحة الخبيئة في‮ ‬اللاوعي‮ ‬،‮ ‬وستتعدي‮ ‬ذلك إلى إثارة الذاكرة الجمعية عند تعدد صور هذا اللِزَاب ليتوالد في‮ ‬علامات مجاورة في‮ ‬حقله الدلالي،‮ ‬فإلي‮ ‬جانب اللِزَاب‮ »‬يرذ‮« »‬الشذاب‮« ‬و‮ »‬الشقر‮« ‬و‮ »‬وريقة الحنا‮« ‬و‮ »‬بنت النبي‮« .‬
وللحصول على التفسير النفسي‮ ‬لتواتر ورود هذه النباتات العطرية في‮ ‬الديوان‮ ‬يمكن للقارئ أي‮ ‬يرجع إلى الاستخدام الثقافي‮ ‬الشعبي‮ ‬لهذه النباتات؛ ففي‮ ‬اليمن‮ ‬يستخدم الناس هذه النباتات العطرية الى جانب الزينة استخداما طقوسيا خاصة في‮ ‬مناسبات جماعية مهمة‮ »‬الولادة والموت‮« ‬كما‮ ‬يشير الشاعر في‮ ‬الهامش الذي‮ ‬وضعه في‮ ‬آخر ديوانه وهم‮ ‬يستخدمونه في‮ ‬تلك المناسبات لطرد الأرواح الشريرة وجذب الأرواح الخيرة،‮ ‬ولا بد أن هذه العادة قد تسربت إلى لا وعي‮ ‬الإنسان اليمني‮ ‬المعاصر من تقاليد طقوسية قديمة‮.‬
وما‮ ‬دام اللِزَاب‮ ‬يستخدم مع أخواته من النباتات العطرية في‮ ‬مناسبات‮ »‬الولادة والموت‮« ‬فإنه‮ ‬يفتح الباب أمام التأويل الفرويدي‮ ‬لغريزة الحياة والموت عند الإنسان؛ فطبقا لفرويد‮ ‬يعيش الفرد في‮ ‬حالة تجاذب بين النزوع نحو الحياة‮ ‬Eros‮ ‬والنزوع نحو الموت‮ ‬Thanatos‮. ‬ومن هنا نستطيع أن نقول إن النص قد انطوى على الصورة المقطرة من لاوعي‮ ‬الجماعة؛‮ ‬فاللزّاب فاعل رمزي‮ ‬يشير إلى قصة الجماعة مع الحياة من الميلاد إلى الموت‮.‬

جميل مفرح
‬حقاً‮ ‬تشعر وكأن نبياً‮ ‬خلف باب هذه المجموعة أو وراء أسوارها الأنيقة‮ ‬يرتل الشعر ويجود أداءه بصوت مهذب ولغة مرتبة وشاعرية ما أن تتهادى إلى مرورك حتى تستوقف كل حواسك،‮ ‬وتجبرك على الوقوف والتنصت بمتعة متناهية لما تمليه القصيدة بكل مقوماتها وبتاريخيتها وجدتها من فتنةٍ‮ ‬آسرة،‮ ‬لا تستطيع إلا أن تنقاد للخشوع لها والتأمل في‮ ‬مجمل تفاصيلها،‮ ‬والاعتقاد بلونها مرآة تقرأ من وراء الباب على سطحها كل ما تتمناه في‮ ‬هيكل كينونتك الظاهر،‮ ‬وتتهجى في‮ ‬كوامنها وسرياليتها المحكمة بإتقان سيرة الأنثى التي‮ ‬عشقتها أو التي‮ ‬ستعشقها‮ ‬يوماً‮ ‬ما‮.‬
كأن نبياً‮ ‬خلف الباب‮ .. ‬عنوان أشعر كلما أعدت قراءة هذا العمل وكأنني‮ ‬من وضعه على الناصية،‮ ‬أو كأنه موضوع منذ الأزل لهذا الديوان وظل في‮ ‬الانتظار حتى انتهى الشاعر من كل مشاغله وشواغله وعاد ليستعيده في‮ ‬اللحظة المناسبة،‮ ‬لحظة ولادة هذا الكائن الإبداعي‮ ‬الذي‮ ‬قد‮ ‬يكون واحدا من الأسباب لأن نستأنف محاولة الفكاك من ربقة الانزواء والانطواء وراء كل ما نتلصص عليه من قبح وشذوذ ونفور من حولنا،‮ ‬وكأنه لا‮ ‬يعنينا في‮ ‬شيء‮ .. ‬سبب لأن نهشم الاسمنت المتباهي‮ ‬على أفواهنا والجاثم على أرواحنا،‮ ‬ونعاود حياتنا الإبداعية كما‮ ‬ينبغي‮ ‬أن تكون‮ .. ‬لا كما تريدها مطامع الساسة اللاهثة وراء السراب،‮ ‬ولا كما تمليها أفواه وفوهات البنادق والمدافع والدبابات‮ .. ‬جاءت وتجيء أعمالنا الإبداعية اليوم ومنها‮ (‬هذا الكائن الخرافي‮ ‬الجميل‮) ‬لتجرنا من‮ ‬غيبوبتنا وتصفع مؤخرات رؤوسنا لكي‮ ‬تستيقظ قبل ألا تستطيع أن تدركنا‮ ‬يقظة،‮ ‬فتذرونا الأحداث والحوادث أو‮ ‬ينفثنا التاريخ كما تنفث الشاحنات عوادمها المؤذية‮.‬
وقائداً‮ ‬مجتهداً‮ ‬في‮ ‬البحث عن صوته واستخلاصه مميزاً‮ ‬خالياً‮ ‬من المؤثرات الجاهزة والمجانية‮.. ‬والشاعر أحمد العرامي‮ ‬في‮ ‬عمله هذا واحد من أولئك الذين لا‮ ‬يكتفون بإنتاج النص ومطابقة شروطه ومقوماته بما هو موجود ومتجدد وحسب وإنما‮ ‬يسعون إلى إيجاد بصماتهم وروائحهم على هيئة النص الجديد الذي‮ ‬يشهد التداول الإبداعي‮ ‬على سطح المشهد،‮ ‬ومن مؤسسة الجامعة وتخصصه الدراسي‮ ‬أطل الشاعر العرامي‮ ‬منذ الوهلات الأولى‮ ‬يتلمس مكانه المتميز في‮ ‬المشهد الثقافي‮ ‬بإنتاج نصه الإبداعي‮ ‬المفرط في‮ ‬العناية والوصاية من قبل روحه الشاعرة وحصيلته المعرفية والإطلاعية ليقدم نصه مختلفاً‮ ‬ومبارحاً‮ ‬حتى لذاته من تجربة مفصلية لأخرى بل ومن قصيدة لأخرى ومن مقطع لآخر،‮ ‬يبحث عن شاعر مأمول‮ ‬يشعر من‮ ‬يوم لآخر أنه موعود به‮.. ‬وسيناله‮.



من اليمين: الدكتور محمد الكميم، الشاعر والناقد: علوان الجيلاني، أحمد العرامي...
بيت الثقافة_صنعاء... 18/7/2012م.