Ads 468x60px

"محاولات اغتيال" طائر الفينيق


(لا علاقة لما حدث بما يسمى ثورة الشباب) هكذا قال علي صالح في كلمته الصوتية المسجلة التي تحدث فيها عقب إصابته في حادثة مسجد دار الرئاسة.
   وعلى ما في هذه العبارة من تبرئة للثورة مما حدث، إلا أنها كانت بشكل أو بآخر تجسد أو تنبئ بما ستؤول إليه الأمور بالنسبة للثورة التي ستواجه في الحال محاولة إقصائها من الدائرة وتحويل مسار الأحداث بعيداً
عن الفعل الثوري والإرادة الشبابية....وهذا هو البعد الآخر لـ(حادثة النهدين) بغض النظر عن حقيقتها من عدمها، أو عن الجهة المنفذة لها، أو ملابساتها، فما يهمنا هنا هو انعكاسها على الثورة، أوتداعياتها التي جعلت منها تبدو وكأنها محاولة لاغتيال الثورة، محاولة جاءت تتويجاً لمحاولات كثيرة من قبل صالح (وبمساعدة الأشقاء) من خلال السعي إلى تحويل مسار المشهد ومجرياته عن طريق المراوغة التي تجلت سواءً على مستوى الخطاب أو الممارسة، فمن خلاف سياسي مع المشترك إلى مبادرة خليجية إلى مواجهات مسلحة مع بيت الأحمر....ولن ينتهي الأمر هكذا فالحادثة ستمثل أيضاً بداية أو مقدمة لمحاولات اغتيال جديدة ومتكررة للثورة... ففي حين كان من المفترض أن تمثل نهاية لنظام صالح -وهو ما تريده الثورة وإن لم تضع في حسبانها هذه الصورة أو السيناريو(القتل/الاغتيال)- إلا أنها لم تكن على الأقل تلك النهاية المنشودة بالنسبة للثورة، لقد كانت أشبه بصخرة كبيرة ألقيت في طريق الثورة، الثورة المنهكة التي أنهكها صالح حين لعب على عامل الوقت، وأنهكت نفسها بالتصعيد(اللفظي) والتسويف....
بعد حادثة النهدين مباشرةً بدأ الخطاب السياسي للنظام يتغير، فمع أن النظام كان يحرص عند الحديث عن الثورة على أن يسميها "احتجاجات" "اعتصامات" "فوضى" "تخريب" أو أي اسم آخر غير هذا الاسم"ثورة"، إلا أن الأمر تغير فظهرت لفظة"الثورة" بدءاً من كلمة الرئيس المشار إليها آنفاً، وليس انتهاءً ببعض المقالات أو الحوارات المتفرقة هنا وهناك والتي تعد جزءاً من خطاب النظام، فبدا ظهورها بمثابة اعتراف شكلي يفرغها من مضمونها، إذ كثيراً ما تأتي في سياق نقدي أو ساخر بهدف بث الإحباط، وأحياناً أخرى في سياق كيدي يريد أن يوقِعَ بين أطراف الثورة، ستعقب هذا أيضاً: تهدئة الخطاب الإعلامي بين المعارضة والنظام(التطبيع)، محاولة تجميد للثورة من داخلها من خلال ضغوط المشترك على قواعده في الساحات...ومن خلال المركزية التي انتهت إليها الساحات بعد أن تم هيكلتها...
 بالنسبة لمراكز القوى في اليمن، الكثير يخاف من الثورة، لأن الثورة تأسيس لفعل ثوري حضاري يمكن أن يتم استدعاؤه كلما دعت الحاجة إليه، نجاحها يعني تكريس قيم ومفاهيم جديدة، وخطاب وطني جديد، بتعبير آخر: الثورة تعد بمثابة أيديولوجيا ناشئة، ستقضي على كل الأيديولوجيات السابقة (وربما تحل محلها) تلك الأيديولوجيات السابقة مكتملة وجاهزة، وهي بطبيعتها -كما يرى ماركس- تقف في الطرف النقيض من (صيرورة التاريخ) التي جوهرها التغيير، أي أنها تجنح للثبات وتقف ضد التغيير، ورغم أن هذه الأيديولوجيات ثارت ضد النظام السياسي والأيديولوجيا الخاصة به، إلا أنها تخشى من أيديولوجيا الثورة الصاعدة أو الناشئة، التي تمثل تهديداً لها... على كلٍّ سيتم الإعداد لمرحلة ما بعد صالح، وسيبلغ الحرص مبلغه على أن لا تتم الأمور"باسم الثورة أو تحت مظلتها، أو في ظل اعتراف حقيقي بها، وإنما انطلاقاً من كونها أزمة".
  بالنسبة للسعودية فإنها تقرأ الأمر من زاويتين، من الزاوية الأولى يبدو الأمر هكذا: نظام صالح غير صالح للحكم في اليمن، وليس من صالحها هي بقاؤه، كما أنه ليس من صالح الشعب اليمني بقاؤه كذلك، من الزاوية الثانية وفي نفس الوقت يبدو الأمر هكذا: مسألة التغيير ونجاح الثورة في اليمن ليس في صالح السعودية أيضاً لأنه تكريس للفعل الثوري وهذا سيشجع الثورات العربية، وسيفتح شهية الشعوب أكثر على التغيير، ومن هنا سيشكل خطراً حقيقياً على الجارة الشمالية!!إذن: إذا كان لا بد من حدوث تغيير في اليمن فليكن، لكن بشكل آخر يقلل من احتمال أن تمثل خطراً على السعودية، ولهذا ستستخدم السعودية كل قدراتها من أجل ذلك، الضغوط على أمريكا، الضغوط على المعارضة، بالنسبة للشارع اليمني سيرمى إليهم بصنارة المساعدة النفطية، ودعم يمن بعد صالح ببليون دولار....بينما الشارع اليمني منقسم لكن ليس بين مؤيد أو معارض هذه المرة، بل بين معتصم ومعتصم، معتصم في ساحات التغيير والحرية، ومعتصم في المحطات (محطات المحروقات)، هذه الأخيرة لم تتحول بعد إلى محطات تغيير أو حرية...لكنها محطة على اختلاف دلالات هذه الكلمة وتداعياتها...إلا أنها لن تكون الأخيرة، لأن قطار الثورة لا يتوقف، وإن توقف فلكي يستمر، كما أنه لا يتحطم وإن تحطم فسينهض من رماده تماماً كطائر الفينيق.
ذمار/20/6/2011م.
أحمد الطرس العرامي
Ah-arami@hotmail.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق