Ads 468x60px

توكل... "حلم يقظة"!!


توكل... "حلم يقظة"!!
   ثمة صيغة لغوية/نفسية في خطاب توكل تستحضر ذاكرة من الضجيج وتحيل إلى الظواهر الصوتية الفارغة من الداخل، إلى الحد الذي يصل فيه الخطاب إلى تأكيد دامغ على مشكلة نفسية تتعلق بتقدير الذات، وأنا هنا أترك للقارئ ولتوكل ثلاثة من منشوراتها في صفحتها في فيس بوك نشرتها في أوقات متفرقة وأترك له/ا الحكم والموقف تجاهها... (ما ترك لي قول الحق من صديق) (لو فعلها الرئيس عبدربه .. وصحت الأقاويل بأنه سوف يرقي ويكرم قاتل الشباب المخلوع علي صالح .. أقول لو فعلها فإنه لن يستطيع معي صبرا!!)... (أسقطت بالفيس بوك ألف خليفة... واقمت بالفيس بوك الف حوار).
    توكل _في ظني_ بحاجة إلى رصيد نضالي ومدني متراكم، بحاجة إلى تجربة طويلة مثقلة بالخبرات والأثر، ناهيك عن شرط النضج واستشعار المسؤولية، بدلاً من التنقل بمعية كاريزما نوبل. والحصول على مكاسب شخصية، والتقاط الصور. ذلك أن أهم إشكالية تقع فيها صاحبتنا هي عدم وعيها بدورها أو فهم السياق السياسي الشخصي الذي حصلت في ضوئه على نوبل، وما يتحتم عليها القيام به إزاء ذلك إن كانت تريد أن تتمثل دورها الحقيقي المرجو منها في ذات السياق.
    لا يكاد يخفى على أحد أن مسيرة توكل الحياتية مهما كانت غنيةً وثريةً فإنها لم تكن قد وصلت بها إلى درجة الحصول على جائزة نوبل في ظل وجود شخصيات عربية ذات رصيد كبير ومؤثر حتى في سياق ثورات الربيع العربي، وأنا هنا لا أقلل من شأن حصولها على الجائزة، لكني أود أن أشير إلى أن حصولها على نوبل لم يكن تقديراً لمسيرتها الحياتية، بقدر ما كان اعتباراً لها كمشروع سياسي مستقبلي، وأقول لها أنه يمكنها أن تكون ذلك المشروع المستقبلي أو تحترق.
   فوز توكل كرمان بنوبل لم يكن تتويجاً لرحلة نضال طويلة استحقت عليها هذه الجائزة، كما هو الحال مع الليبيريتين، بقدر ما هو تكليف بقيادة عملية إصلاح اجتماعية دينية وصناعة نموذج للمرأة المسلمة يؤمل منه أكثر مما قدمه حتى الآن، ولا زلت أتذكر تقريراً صحفياً غربياً نشر في إحدى المواقع العربية، قرن فوز توكل رغم أنها في بداية مشوارها، بفوز أوباما بنفس الجائزة رغم أنه لم يكن قد قدم شيئاً لقد وصف كاتبا التقرير الأمر على أنه بمثابة (حلم يقظة).
     حلم اليقظة الذي تمثله توكل هو كونها امرأة، في مجتمع محافظ ومن تيار ديني سياسي يمثل بالنسبة للغرب أهم تيارات الاسلام السياسي الذي اتضح توجه الغرب نحوه إبان الربيع العربي، كما لو كان منح هذه الثورات أيديولوجيةً ما، ومنعطفاً جديداً من العلاقات بين الغرب الليبرالي والإسلام، اتصف بانتهاء المواجهة مع الإسلام (المتطرف) وفتح جبهة جديدة اسمها حرب الأفكار، تمثلت في التحالف مع الاسلام السياسي ذي القابلية للتطور ومحاولة خلق ثورة داخله اسمها (تحديث الإسلام من الداخل) وردم أهم الفجوات أو مناطق التوتر بينه والغرب الليبرالي، وأهمها (المرأة، الجهاد، التعايش، الأقليات).
    بدت توكل نموذجاً مهماً داخل هذه التيار، أثبتت من خلال نشاطها الاجتماعي السياسي إمكانية توافق الإسلام السياسي أو تماشيه مع الديمقراطية الغربية، ولكنها لم تصل بعد إلى الحد الذي تمثل فيه حركة أو تياراً أو ظاهرة، وبالإمكان أن تكون ذلك، وما على نوبل سوى أن تختصر لها الطريق إنه بالفعل (حلم يقظة). لم يبد على توكل انها تستوعبه، بينما ظلت تفهمه أو ظل خطابها يقول أنها تفهمه في إطار الثورة اليمنية، بينما كان يتسرب داخل خطابها بين الحين والآخر ما يشي بوعيها بدورها المستقبلي، مثل تركيزها في كثير من المقابلات واللقاءات على أمور من قبيل (العولمة، العالم الآن شيء واحد، الحقوق والحريات، تأثرها بمارتن لوثر). إلا أنه ليس لذلك كما يبدو أي انعكاس على الصعيد العملي، الواقعي، بما يتناسب مع حجمها الذي صارته على الأقل.
  صاحبتنا بحاجة إلى خطاب متزن في هذه المرحلة، وبحاجة إلى دور مجتمعي فاعل داخل المنظومة السياسية التي تنتمي إليها، لا الدفاع عنها وعن فتاواها التكفيرية، ولا التفكير في إطار كونها واحد من مراكز القوى، والتصرف بعقلية لا تختلف عن عقلية حميد الأحمر البتة، وإلا ما الفرق بين إدعائية حميد الأحمر حين يتحدث كما لو كان هو الذي انتزع صالح من منصبه، وضجيج توكل وهي تقول نفس الأمر، ذلك أن التصرف بعقلية شيخ أو بوعي أبوي تجاه الثورة والثوار، يناقض كل الميزات التي يمنحها السياق لتوكل ويوقعها في حرب مع ذاتها أو مواجهة مع نفسها أكثر من كونه تناقضاً، إذ كيف يمكن لامرأةٍ تمثل تيار الإسلام السياسي المعتدل أن تخرج لتقايض الجنوبيين حين نادوا بمحاكمة (أصحاب الفتوى التكفيرية في 94)، تقايضهم بمحاكمة هادي الذي قالت بعد أيامٍ عنه (هذا ابني).
أحمد الطرس العرامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق